فصل: مسألة قال أنت طالق إن اشتريت لك ثلاثة أشهر لحما ولا حيتانا ولم ينو شيئا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة حلف ألا يأكل لحما فأكل مرق لحم:

وسئل عمن حلف ألا يأكل لحما فأكل مرق لحم، قال: إني أخاف أن يحنث.
قال محمد بن أحمد: الحنث في ذلك بين لأن المرق قد أماع فيه الشحم وذبل فيه اللحم وتهرى فأكل مرق اللحم أكل اللحم، قال ابن المواز: فلا نية له في ذلك إن ادعاها يريد مع قيام البينة فيما يحكم به عليه، وقال ابن حبيب: إن أراد اللحم ما كان لحما فله نيته وكذلك يقول ابن القاسم في الشحم من اللحم والنبيذ من التمر والزبيب والعصير من العنب والخبز من القمح، هذه الخمسة الأشياء يحنث عنده فيها سواء حلف ألا يأكلها أولا يأكل منها وما عداها من الأشياء إذا حلف ألا يأكله فأكل ما يخرج منه فلا حنث عليه إلا أن يحلف ألا يأكل منه كالجبن من اللبن والسمن من الزبد والبسر من الطلع والتمر من الرطب والرطب من البسر، وقد روي عن ابن القاسم أنه أخرج القمح من هذه الخمسة الأشياء إلى حكم ما عداها، وألحق ابن وهب بالخمسة الأشياء غيرها كالسمن من الزبد والتمر من الرطب ولم ير أشهب البسر من الطلع لبعد ما بينهما، فمن حلف عنده ألا يأكل هذا الطلع أو من هذا الطلع فلا شيء عليه في أكله بسرا.

.مسألة قال أنت طالق إن اشتريت لك ثلاثة أشهر لحما ولا حيتانا ولم ينو شيئا:

وقال في رجل اشترى لأهله حيتانا فسخطتها وكان بينهما في ذلك كلام فقال لها: أنت طالق إن اشتريت لك ثلاثة أشهر عشاء لحما ولا حيتانا ولم ينو شيئا فحلف خرجت يمينه هكذا ألا نية له في شيء فأراد أن يشتري لها لحما أو حيتانا في الغداء: إنه لا بأس بذلك ولا شيء عليه في ذلك إذا لم تكن له نية ولا يكون فيما اشترى فضل عن الغداء، ولو أنه غدى رجلا عنده قدم طعامه إليه فحلف بطلاق امرأته إن غداه أبدا ولا نية له لم يكن عليه شيء إن عشاه، وإنما مثل ذلك مثل رجل آذاه جار له في داره فقال: امرأته طالق إن جاورتك أو ساكنتك في هذه الدار أبدا فأراد أن يساكنه أو يجاوره في غيرها فلا بأس بذلك إذا لم يكن أراد أن لا يساكنه ولا يجاوره أبدا، فإن لم تكن له نية وكانت يمينه مسجلة لا نية فيها فلا بأس بذلك ولا شيء عليه، وكذلك لو حلف ألا يساكنه بمصر أبدا فساكنه بغيرها مثل ذلك سواء، أو حلف لينقلنه من داره لإيذاء آذاه به وشتمه فنقله منها ثم أراد بعد أن طال ذلك أن يرده فلا بأس إذا لم تكن له نية، فكذلك الذي حلف ألا يشتري عشاء لحم ولا حيتان فاشتراه في الغداء فلا شيء عليه إلا أن يكون أراد ألا يشتري تلك الأشهر التي حلف فيها، فإن لم يكن أراد ذلك فلا شيء عليه وإنما هو أحد وجهين إن كان أراد شيئا قلنا له تجنب ما أردت وإن لم يكن أراد شيئا ولا نواه فلا شيء عليه إلا فيما حلف، وكذلك لو كساها قرقل كتان فسخطته، فقال لها: أنت طالق إن كسوتك قرقل كتان سنة فكساها قرقل خز ولا نية عليه فلا شيء عليه، قال: ولا بأس في المسألة الأولى أن يشتري لها عشاء غير اللحم والحيتان كأنه يقول: إلا أن يكون أراد ترك العشاء.
قال محمد بن أحمد: قوله في الذي حلف ألا يشتري لامرأته ثلاثة أشهر لحما ولا حيتانا لما سخطت الحيتان التي كان اشتراها لها أن لا بأس أن يشتري لها لحما أو حيتانا للغداء إذا لم يكن فيها فضل عن الغداء للعشاء، وأنه لا بأس أن يشتري لها عشاء غير اللحم والحيتان إذا لم تكن له نية، صحيح على أصولهم لأن يمينه لما خرجت على كراهتها للحيتان التي اشتراها لها ولم تخرج على كراهية التوسع في الإنفاق عليها وجب ألا يحنث فيما عدا ما لفظ به وحلف عليه من شراء اللحم والحيتان للغداء والعشاء أو شراء ما عداهما للعشاء إلا أن يكون نوى ذلك، وكذلك قوله في الذي غدى رجلا ثم حلف ألا يغديه أبدا ولا نية له أنه لا شيء عليه إن عشاه صحيح أيضا؛ لأن يمينه لما لم تخرج على كراهية كذا لمؤن الإنفاق عليه ولعله إنما حلف ألا يغديه لما رأى من تقصيره في الأكل ورجا أن يكون أكله في العشاء أكثر وجب ألا يحنث إلا فيما حلف عليه من الغداء وألا يحنث إن عشاه إلا أن ينوي ذلك، وكذلك قوله أيضا في الذي حلف ألا يجاور الرجل أو يساكنه في دار عينها أنه لا بأس أن يجاوره أو يساكنه في غيرها إذا لم يكن أراد ألا يساكنه أو يجاوره أبدا صحيح أيضا؛ لأن يمينه لما كانت بسبب إذايته في الدار ولم يكن لما يدخل بين العيال والصبيان في السكنى وجب ألا يحنث إلا بالسكنى معه في الدار التي عينها وألا يحنث بالسكنى معه في غيرها إلا أن يكون نوى ذلك وأراده بيمينه، وكذلك القول في الذي حلف ألا يساكن رجلا بمصر فساكنه في غير مصر، والقول في الذي حلف لينقلن رجلا من داره لأذى أذاه به وشتمه فنقله عنها ثم رده إليها إذ هما من شرح المسائل التي بينا وجه صحة قوله فيها. وكذلك قوله أيضا في الذي حلف ألا يكسو امرأته قرقل كتان سنة لما سخطت قرقل كتان كان كساها إياه، فكساها قرقل خز أنه لا حنث عليه صحيح أيضا لأن مخرج يمينه على ألا يكسوها ما تكره لباسه، فلو كساها في السنة قرقل غير الكتاب وهو أدنى من الكتان لحنث إلا أن يكون نوى أن يكسوها ما هو أدنى من قرقل الكتان، ولو أعطاها في هذه المسألة من الدراهم لكسوتها ما تشتري به أرفع من قرقل كتان فاشترت به لنفسها ثوبا لم يحنث، فليست هذه المسألة مخالفة لمسألة المدونة في الذي يحلف ألا يكسو امرأته فأعطاها دراهم فاشترت بها ثوبا أنه حانث لأنه إذا أعطاها دنانير فقد كساها وهو قد حلف ألا يكسوها ولم تكن ليمينه بساط تحمل عليه كهذه.

.مسألة حلف فقال لعمر الله وأيم الله:

وقال في الذي يحلف يقول لعمر الله وأيم الله: إني أخاف أن يكون يمينا. قال أصبغ: هي يمين إذا حلف بذلك ليفعلن أو لا يفعل فحنث.
قال محمد بن أحمد: أما ايم الله. فلا إشكال في أنها يمين؛ لأن ايمن الله وايم الله وم الله كلها لغات للعرب في القسم. فمن النحاة من ذهب إلى أنه بدل من حرف القسم كما أبدلوا الواو والتاء من الباء ومنهم من ذهب إلى أن الأصل فيها عندهم ايمن الله جمع يمين، ثم حذفوا على عادتهم في الحذف ما كثر استعماله فقالوا ايم الله لا فعلت أو لأفعلن كما قالوا يمين الله لا فعلت أو لأفعلن. قال الشاعر:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ** ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

ومنهم من ذهب إلى أن ألف ايمن ألف وصل وإنما فتحت لدخولها على اسم غير متمكن واشتقاقه من اليمن والبركة، وأما لعمر الله ففي القول بأنها يمين نظر؛ لأن الأيمان التي تكون أيمانا ويجب فيها كفارة اليمين بالله عز وجل باسم من أسمائه وبصفة من صفات ذاته كعلمه وقدرته وإرادته وحياته وما أشبه ذلك من صفاته، والعمر هو العمر وليس ذلك بصفة لله تعالى إذ لا يوصف بأنه ذو عمر بإجماع من الأمة. فوجه قوله في لعمر الله إنها يمين هو أن الحالف بذلك محمول على أنه أراد بعمر الله بقاء الله تعالى، فكان ذلك يمينا على قولهم فيمن لفظ بكلمة ليست من حروف الطلاق فأراد بها الطلاق وأنه طلاق. وقد قال في المدونة في الذي يقول لا مرحبا يريد بذلك الإيلاء أنه مول، فجعل قوله لا مرحبا بمنزلة قوله: والله لا أطأ امرأتي إذا أراد به ذلك، على أنه قد ذهب بعض الناس إلى أن معنى هذه مسألة المدونة إذا قال والله لا مرحبا وأراد بـ لا مرحبا لا أطأ امرأتي، وأما إن قال: لا مرحبا وأراد بذلك والله لا أطأ امرأتي فلا يكون موليا إذ لا يعبر عن اسم الله تعالى بما ليس له باسم، والأمر محتمل على ما قلناه وإنما لم يحقق ابن القاسم أن ذلك يمين. وقال: أخاف أن يكون يمينا لاختلاف أهل العلم في القدم والبقاء فمنهم من أوجبهما صفتين لله تعالى ومنهم من نفى ذلك وقال: إنه باق لنفسه قديم لنفسه لا لمعنى موجودية، وأن معنى القديم الذي لا أول لوجوده ومعنى الباقي المستمر الوجود، والذي عليه الأكثر والمحققون إثبات البقاء صفة لله ونفي أن يكون القدم صفة لله، فكأن ابن القاسم ذهب إلى قول من نفى أن يكون البقاء صفة لله، وقال: أخشى أن يكون يمينا إذ من أهل العلم من يثبته صفة لله تعالى، وذهب أصبغ إلى قول من أثبته صفة لله فحقق القول بأن ذلك يمين وهو مثل ما في المدونة لابن القاسم.

.مسألة يحلف بالقرآن أو بالكتاب أو بالمصحف أو بما أنزل الله:

وقال في الذي يحلف بالقرآن أو بالكتاب أو بالمصحف أو بما أنزل الله أفترى ذلك كله يمينا واحدة؟ فقال: أحسن ما سمعت والذي تكلمنا فيه أن يكون يمينا يمينا كل ما سمي من ذلك، قال سحنون عن علي بن زياد عن مالك في قوله لا والقرآن لا والمصحف ليست بيمين ولا كفارة فيه على من حلف به فحنث.
قال محمد بن أحمد: في كتاب ابن المواز عن عطاء مثل رواية علي بن زياد في غير كتاب ابن المواز أن الناقل عن عطاء شك فقال: سئل عن اليمين بالكعبة أو بكتاب الله، قال بعض أهل النظر: وهذا أشبه أن يكون شكا عن الناقل عن عطاء. وقال أبو محمد ابن أبي زيد في رواية علي بن زياد عن مالك يحتمل إن صحت الرواية أن يريد جسم المصحف دون المفهوم منه، والله أعلم، والذي كان يمضي لنا فيها عند من أدركنا من الشيوخ أنها رواية ضعيفة شاذة خارجة عن الأصول مضاهية لقول أهل القدر القائلين بخلق القرآن لأنه قد جمع فيها بين القرآن والمصحف، فإن تأول في المصحف ما قال ابن أبي زيد بقي القرآن لا وجه له من التأويل، وهو الذي أقول به إن له وجها صحيحا من التأويل يصح عليه وهو أن القرآن قد يطلق على كلام الله القديم الذي هو صفة من صفات ذاته المتلو في المحارب المكتوب في المصاحف، قال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 77] {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78]- الآية، وقد يطلق أيضا على ما هو مخلوق، من ذلك أنه يطلق بإجماع على المصاحف من أجل أنه مكتوب ومفهوم فيها، والدليل على ذلك ما في كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم من أن «لا يمس القرآن إلا طاهر» يريد المصحف بإجماع لاستحالة مس ما ليس بمخلوق، «ونهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو» ويريد المصحف أيضا بإجماع لاستحالة السفر بما ليس بمخلوق، وقد يطلق أيضا على القراءة المخلوقة المتعبد بها لأنها مصدر قرأت قراءة وقرآنا، قال عز وجل: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] أي قراءته.
وقال الشاعر:
ضجوا بأشمط عنوان السجود به ** يقطع الليل تسبيحا وقرآنا

وقد يطلق أيضا على السور المجموعة المؤلفة المختلفة في الطول والقصر من قولهم قريت الماء في الحوض إذا جمعته، فإذا حلف الرجل بالقرآن وأراد به كلام الله تعالى القديم فلا اختلاف بين أحد من أهل السنة في أن ذلك يمين يجب فيها كفارة اليمين، وإذا حلف بالقرآن ولم يرد به كلام الله وأراد به ما لا اختلاف في جواز إطلاقه عليه مما هو مخلوق كالمصحف دون المكتوب فيه والقراءة دون المفهوم منها أو السور المجموعة المؤلفة المختلفة بالطول والقصر دون المفهوم منها من الأمر والنهي والوعد والوعيد والاستخبار والخبر فلا اختلاف بين أحد من الأمة في أن ذلك ليس بيمين، وإذا حلف به ولم تكن نية فحمله مالك في رواية ابن القاسم عنه وهو المشهور عنه على كلام الله القديم فرآه يمينا أوجب فيها كفارة اليمين، وحمله في رواية علي بن زياد عنه على ما جاز إطلاقه عليه مما سوى كلام الله تعالى، فلم ير ذلك يمينا ولا أوجب فيه كفارة يمين وهذا على القول بأن القرآن اسم لغوي من قولهم قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه، فقد يطلق على نفس كلام الله تعالى، فلم ير ذلك يمينا ولا أوجب فيه كفارة يمين، كلام الله تعالى، ويطلق على ما هو أصل موضوعه في اللغة، والقول الأول أظهر؛ إذ قد بان أن القرآن اسم ديني لكلام الله القديم يقع عليه حقيقة ولا يقع على ما سواه إلا مجازا، والعدول بالكلام عن الحقيقة إلى المجاز لا يجوز إلا بدليل، ووجه القول الثاني إن القران لما كان يجوز أن يطلق على كلام الله القديم الذي ليس بمخلوق وعلى ما سواه مما هو مخلوق على ما ذكرناه وجب أن يحمل إذا لم يعلم المراد به على ما يصح إطلاقه عليه مما هو مخلوق لأن الأصل براءة الذمة فلا توجب فيها الكفارة إلا بيقين وكذلك الذي يحلف بالمصحف ولا نية له حمله ابن القاسم وهو المعلوم من مذهب مالك على المكتوب في المصحف المفهوم منه فرأى ذلك يمينا أوجب فيها الكفارة، وحمله مالك في رواية علي ابن زياد عنه على نفس المصحف دون المكتوب فيه المفهوم عنه فلم ير ذلك يمينا ولا أوجب فيه كفارة، والقول الأول أظهر أيضا لأن الحلف بنفس المصحف دون المكتوب فيه المفهوم عنه لا يجوز لقول النبي، عَلَيْهِ السَّلَامُ: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت»، فحمل يمين الحالف على ما يجوز له الحلف به أولى من حملها على ما لا يجوز له الحلف به، وقول ابن القاسم أحسن ما سمع وتكلم فيه في الذي يحلف. بالقرآن أو بالكتاب أو بالمصحف أن يكون يمينا، كل ما سمي من ذلك ظاهره أنه إذا جمعها في يمين واحدة فقال: وحق القرآن والكتاب والمصحف لا فعلت كذا وكذا أو لأفعلن فحنث أن عليه ثلاث كفارات لاختلاف التسميات وإن كان المحلوف به واحدا وهو كلام الله تعالى القديم، وهو خلاف قول سحنون في نوازله من حلف بالتوراة والإنجيل في كلمة واحدة أن عليه كفارة واحدة، ويلزم على ظاهر قول ابن القاسم هذا أن يلزم الرجل إذا قال والله والرحمن والسميع والعليم لا فعلت كذا فحنث أربع كفارات لاختلاف التسميات أيضا وإن كان المحلوف به واحدا وهو الله عز وجل، وليس في المدونة في هذا بيان، وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه لا يجب في ذلك إلا كفارة واحدة؛ لأن المحلوف به واحد قال: وكذلك الصفات إذا كان معناها واحدا مثل العظمة والجلال والكبرياء، وأما إن كانت معانيها مختلفة كالقدرة والعلم والإرادة فعليه إذا جمعها في يمين واحدة كفارة لكل ما سمي منها؛ لأن كل واحدة منها تفيد معنى في الموصوف بخلاف معنى الآخر، وليس بين الصفات المختلفة المعاني والأسماء المشتقة منها فرق بين لأن اسم المشتق من الصفة يفيد معناها فإذا وجبت في الحلف بعلم الله وقدرته وإرادته في يمين واحدة ثلاث كفارات من أجل أن كل صفة تفيد في الموصوف صفة تخالف الصفة الأخرى وجب أيضا في الحلف بالعالم والقادر والمريد في يمين واحد ثلاث كفارات من أجل أن كل اسم منها يفيد في المحلوف به صفة تخالف ما يفيده الاسم الآخر من الصفة، فإن قال قائل: إن العالم هو المريد وهو القادر وليس العلم هو الإرادة ولا الإرادة هي القدرة. قيل: وإن لم يكن العلم هو الإرادة ولا الإرادة هي القدرة فليس هي غيرها إلا في المحدث لا في القديم، فليس من أوجب في العلم والإرادة كفارتين من أجل أن العلم ليس هو الإرادة بأظهر قول ممن لم يوجب فيهما إلا كفارة واحدة من أجل أن العلم ليس هو غير الإرادة، والله أعلم.

.مسألة حلف فقال علي عهد الله وغليظ ميثاقه إن فعلت كذا وكذا ففعله:

وقال فيمن حلف فقال: علي عهد الله وغليظ ميثاقه وكفالته وأشد ما اتخذ أحد على أحد أن فعلت كذا وكذا ففعله، فإن كان لم يرد العتاق ولا الطلاق وعزله عن ذلك فليكفر ثلاث كفارات ولا شيء عليه، في قوله عهد الله كفارة وقوله وغليظ ميثاقه كفارة وقوله أشد ما اتخذ أحد على أحد كفارة وإن لم تكن له نية حين حلف فليكفر كفارتين في قوله عهد الله وغليظ ميثاقه ويعتق رقيقه ويطلق نساءه ويمشي إلى بيت الله ويتصدق بثلث ماله لقوله وأشد ما اتخذ أحد على أحد.
قال محمد بن رشد: إنما أوجب عليه كفارتين في قوله عهد الله وغليظ ميثاقه؛ لأن ذلك كنذر أوجبه على نفسه مثل أن يقول علي كذا وكذا يمينا أو كذا وكذا نذرا، ولو أقسم بها في يمين واحدة، فقال: وعهد الله وغليظ ميثاقه لا فعلت كذا وكذا لما وجب عليه إن حنث إلا كفارة واحدة لرجوعهما جميعا إلى معنى واحد وهو كلام الله تعالى إلا على ظاهر ما مضى من قول ابن القاسم في المسألة التي قبل هذه في الذي يحلف بالقرآن والكتاب والمصحف في يمين واحدة، وإنما لم يوجب في قوله وكفالته كفارة ثالثة؛ لأنه حمل يمينه على أنه أتى بكفالته مخفوضة عطفا على ميثاقه فلم يوجب على نفسه إلا شيئين، أحدهما عهد الله والثاني غليظ ميثاقه وكفالته، ولو حمل عليه أنه أتى بها مرفوعة مقطوعة معطوفة على العهد والميثاق لأوجب عليه فيها كفارة ثالثة؛ لأنه بذلك يكون موجبا لها على نفسه كالعهد وغليظ الميثاق، فليس ذلك بخلاف لما في المدونة على ما ذهب إليه بعض الناس، وإيجابه عليه في أشد ما اتخذ أحد على أحد الطلاق والعتاق والمشي والصدقة بثلث ماله صحيح وله وجهان من النظر، أحدهما أن أشد ما يتوثق به الرجل من الرجل فيما يريده منه يختلف باختلاف أحوال الناس فرب رجل قادر على المشي ولا عبيد له ولا مال وله زوجة يشق عليه فراقها فيكون أشد ما يتخذ عليه في التوثق منه فراقها، ورب رجل قادر على المشي لا زوجة له وقال سوى عبيده فيكون أشد ما يتخذ عليه في التوثق منه عتق عبيده، ورب رجل قادر على المشي ولا زوجة له ولا عبيد وله مال فيكون أشد ما يتخذ عليه في التوثق منه الصدقة بماله، ورب رجل لا عبيد له ولا زوجة ولا مال ويشق عليه المشي فيكون أشد ما يتخذ عليه في التوثق منه المشي، فلما كان كل واحد من هذه الأشياء قد يكون أشد ما يتوثق به من الرجل ولم تكن له نية في أحدها وجب أن تجب عليه كلها، كمن حلف ولم يدر بما حلف به إن كان بعتق عبيده أو بطلاق نسائه أو بصدقة ماله أو بمشي إلى بيت الله. والوجه الثاني أن يمينه محمولة على أنه أراد بها أشد ما جرت به عادة الناس به من التوثق، وهو ما كان الناس يؤخذون به من الأيمان في البيعات وقد كانوا يؤخذون فيها بذلك فوجب أن يلزمه ويجب عليه، وعلى هذا كان من أدركنا من الشيوخ ومن لم ندركه منهم فيما بلغنا عنهم يحملون يمين الحالف بالأيمان اللازمة فيوجبون على الحانث فيها الطلاق ثلاثا وعتق رقيقة ذكورهم وإناثهم والصدقة بثلث ماله والمشي إلى مكة في حج أو عمرة وكفارة يمين وإيجاب ذلك كله في ذلك صحيح لأن الأيمان لفظ يعم جميع الأيمان فإذا قال الرجل: الأيمان لي لازمة إن فعلت كذا أو إن لم أفعله لم يكن بد من أحد وجهين، إما أن يحمل يمينه على نوع من الأيمان أرادها بعهد يعلم أن يمينه خرجت عليه وهو ما كان الناس يؤخذون به من الأيمان في البيعات وإما أن يحمل على جميع الأيمان لاستغراق لفظ يمينه جميع الجنس فتلزمه جميع الأيمان اللازمة ما كان الشيوخ يلزمونه منها وما كانوا لا يلزمونه. وقد كان بعض الشيوخ يلزمه في ذلك أيضا كفارة ظهار فلا وجه لمن أسقط عن الحالف بهذه اليمين شيئا مما كان الشيوخ يلزمونه فيها ولا لمن جعل الطلاق فيها طلقة بائنة ولا طلقة رجعية ولا لمن لم يوجب عليه في ذلك إلا كفارة يمين قياسا على قول ابن وهب في سماع عبد المالك بن الحسن فيمن قال:
علي عهد الله وأشد ما اتخذ أحد على أحد أن عليه في العهد كفارة يمين وليس عليه في أشد ما أخذ أحد على أحد إلا كفارة يمين؛ لأن لفظ أشد ما اتخذ أحد على أحد لفظ إفراد فحمله ابن القاسم في هذه الرواية على توثق واحد بأيمان البيعة التي كانوا يؤخذون بها لأنه المفهوم عنده من ذلك، وحمله ابن وهب في رواية زونان عنه على يمين واحد ورآها اليمين بالله تعالى لأنها أعظم الأيمان قدرا وأشدها على من تهاون بها وأثم فيها، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار»، وجاء في الحديث في اليمين الغموس إنها من الكبائر وأنها تذر الديار بلاقع، فرأى شدتها في الكذب فيها والمخادعة بها وترك تعظيمها لا فيما يلزم الحنث فيها من الكفارة فهذا وجه قول ابن وهب، والله أعلم.

.مسألة يقول امرأته طالق البتة إن دخل دار فلان ولا كلم فلانا فكلمه بعد شهر:

قال ابن القاسم: ولا تكون الثنيا إلا ما حرك به لسانه والنية تنفعه وإن لم يحرك به لسانه ومثل ذلك في النية أن يقول امرأته طالق البتة إن دخل دار فلان ولا كلم فلانا فكلمه بعد شهر وقال: إنما نويت شهرا، قال مالك: إن كانت عليه بينة فرق بينه وبينها، وإن أتى مستقيما وذكر أنه إنما نوى شهرا دين وكان القول قوله، والثنيا أن يقول: إن كنت صحبت اليوم قرشيا ويستثني في نفسه إلا فلانا وإن كنت أكلت اليوم طعاما ويستثني في نفسه إلا لحما فامرأته طالق فهذا لا ينفعه إلا أن يحرك به لسانه فإن لم يحرك به لسانه وإنما هي ثنيا في نفسه حنث فما ورد عليك من هذه الأشياء بعضه على هذين الوجهين.
قال محمد بن رشد: تفرقته في النية والثنيا في اليمين صحيحة لأن النية هي أن يريد الرجل بيمينه ما يحتمله كلامه وإن كان مخالفا لظاهره فإذا عقد يمينه على ما نواه صحت له نيته وإن لم يحرك بها لسانه على ما ذكر، وهذا ما لا خلاف فيه، وأما الثنيا فهو ما يستدركه الرجل بالاستثناء بعد أن فرطت منه اليمين دون نية وذلك على وجهين، أحدهما استثناء يخرج من الجملة بعد ما اقتضاه اللفظ العام والعدد المسمى في جميع الأحوال. والثاني استثناء يخرج به جميع الجملة في بعض الأحوال، فأما الاستثناء الذي يخرج به بعض ما اقتضاه اللفظ العام أو العدد المسمى في جميع الأحوال فهو الاستثناء بإلا وسائر حروف الاستثناء، مثاله أن تقول: والله لأعطين القرشيين إلا فلانا ثلاثة دراهم إلا درهما فأخرجت من القرشيين فلانا بالاستثناء وأخرجت من الثلاثة دراهم درهما بالاستثناء فهذا القسم من الاستثناء المشهور فيه في المذهب أن النية فيه لا تنفع وأنه لابد فيه من تحريك اللسان كما قال في هذه الرواية، وقد مضى في آخر سماع أشهب لمالك خلافه، وجه القول الأول القياس على ما أجمعوا عليه في الاستثناء بمشيئة الله أنه لابد فيه من تحريك اللسان، ووجه القول الثاني أن حقيقة الكلام إنما هو المعنى القائم بالقلب وتحريك اللسان عبارة عنه كالرمز والإشارة والكتابة فإذا استثنى في نفسه وجب أن ينفعه استثناؤه وإن لم يحرك به لسانه، وعلى هذا تأتي رواية أشهب عن مالك في كتاب الأيمان بالطلاق وإن من أجمع في نفسه على أنه قد طلق امرأته فقد لزمه الطلاق، والأصل في ذلك إجماعهم على أن من اعتقد الإيمان بقلبه فهو مؤمن عند الله وإن لم يلفظ بكلمة التوحيد وأن من اعتمد الكفر بقلبه فهو كافر عند الله وإن لم يلفظ بكلمة الكفر، وأما الاستثناء الذي يخرج به جميع الجملة في بعض الأحوال فهو الاستثناء بإن وبإلا أن، مثاله أن يقول: والله لأعطين القرشيين ثلاثة دراهم إن كان كذا وإلا أن يكون كذا فهذا لابد فيه من تحريك اللسان قولا واحدا؛ لأنه في معنى الاستثناء بأن شاء الله وبإلا أن يشاء الله، ومن أهل العلم من شذ فأجاز الاستثناء في القلب بمشيئة الله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس من إجازة الاستثناء بعد عام أنه أظهر بعد عام من الاستثناء ما كان اعتقده حين اليمين منه؛ إذ لا اختلاف بين أحد من أهل العلم في أن الاستثناء لابد أن يكون موصولا باليمين، بل قد قال ابن المواز: إنه لابد أن ينويه قبل آخر حرف من اليمين يريد من الكلام الذي به تمت اليمين، هذا معنى قوله الذي يجب أن يحمل عليه كلامه، وقد قيل: إن الاستثناء من العدد لابد أن يعقد عليه يمينه كالنية، ولا يجوز له أن يستدركه وإن أوصله بيمينه أو قبل آخر حرف من كلامه، مثال ذلك أن يقول: امرأتي طالق ثلاثا إلا واحدة والقولان قائمان من المدونة بالمعنى، وذلك أنه قال في كتاب الأيمان بالطلاق منها في الذي يقول لامرأته قبل أن يدخل بها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق إنها ثلاث تطليقات إلا أن يريد بتكرار الطلاق إسماعها، وقال في كتاب الظهار منها في الذي يقول لامرأته أنت طالق البتة وأنت علي كظهر أمي إنه لا يلزمه فيها الظهار إن تزوجها بعد زوج وذلك اختلاف من القول فعلى ما في كتاب الظهار لا يلزم الذي قال لزوجته قبل أن يدخل بها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق إلا طلقة واحدة، وعلى ما في كتاب الأيمان بالطلاق يلزم الذي قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي الظهار إن تزوجها بعد زوج، فإذا قال الرجل: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة كان له استثناؤه، على ما في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة إذا وصله بيمينه وإن لم يعقد يمينه عليه، وعلى ما في كتاب الظهار لا يكون له استثناؤه ولا ينفعه فيه إلا أن ينويه من أول ويعقد عليه يمينه، والقول الأول أظهر؛ لأن الطلاق لا يقع على المطلق في الصحيح من الأقوال بنفس تمام اللفظ حتى يسكت بعده سكوتا يستقر به الأمر وعلى هذا تأتي مسألة الأيمان بالطلاق التي ذكرناها من المدونة فقف على ذلك كله وتدرب، وبالله التوفيق.

.مسألة قال مالي لوجه الله:

وسئل عمن قال: مالي لوجه الله، قال: يخرج ثلثه، قال أصبغ: ويجعله في الصدقة دون ما سواها من سبل الخير فهو مخرج النذر به كما لو قال في عبده هو لوجه الله كان مخرج العتق، وكما لو قال في ماله هو لسبيل الله أو في سبيل الله كان مخرجه الغزو والجهاد خاصة دون سائر السبل.
قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال لأن ما أنفق الرجل من ماله رجاء ثواب الله ولوجه الله، إلا أن سبيل الله قد تعرف بالجهاد دون سائر السبل فإذا جعل الرجل شيئا من ماله في سبيل الله كان مخرجه الجهاد وإذا قال فيه لله ولوجه الله كان مخرجه الصدقة إلا أن يكون له وجه يختص به فيحمل عليه، كالعتق في العبد والهدي فيما يهدى بمكة، وبالله التوفيق.

.مسألة باع من رجلين سلعة إلى أجل واتخذ عليهما صاحب الحق يمينا إلى أجل:

ومن كتاب أوله بع ولا نقصان عليك:
مسألة وسئل عن رجل باع من رجلين سلعة إلى أجل واتخذ عليهما صاحب الحق يمينا إلى أجل أن يقضياه فحل الأجل فقضاه أحدهما جميع الحق بغير أمر صاحبه، قال: هو حانث إلا أن يكونوا حملاء بعضهم عن بعض، قلت: فإن كان شريكه فيها شريك عقد فقال: الشريك والأجنبي سواء في هذا هو حانث إن لم يأمره ولم يتحمل بعضهم عن بعض، والشريك والأجنبي في ذلك سواء، ولو أن رجلا حلف بطلاق امرأته أن يوفي حقه إلى أجل فغاب عند الأجل فقضاه عنه رجل لم يأمره كان حانثا.
قال محمد بن رشد: إذا اشترى الرجلان من رجل سلعة بثمن إلى أجل وحلفا أن يؤدياه إليه إلى الأجل فإن لم يكن أحدهما حميلا بصاحبه فيبر كل واحد منهما بأن يقضي عن نفسه ما يجب له من الثمن ولا يبر بما يقضي عنه صاحبه إلا أن يأمره بذلك إذ ليس بوكيل له على أن يقضي عنه، وإن كان كل واحد منهما حميلا بصاحبه فيبر كل واحد منهما بأن يقضي عن نفسه ما يجب عليه من الثمن وبأن يقضي ذلك عنه صاحبه؛ لأن الحمالة تقتضي أن يكون كل واحد منهما وكيلا عن صاحبه على أن يقضي عنه ما تحمل به عنه وإن كان كل واحد منهما حميلا بصاحبه ولصاحب الحق أن يأخذ من شاء منهم بحقه فلا يبر واحد منهم إلا بأن يقضي جميع الحق لأنه مطلوب به كالشريكين المتفاوضين يشتريان السلعة بثمن إلى أجل ويحلفان أن يؤديا إلى البائع حقه إلى أجل فعلى هذه الوجوه الثلاثة تفترق أحكام البر والحنث في هذه المسألة وشريك العقد الذي قال فيه إنه والأجنبي سواء معناه أن يتعاقد الرجلان على أن يشتريا السلعة بدين على أن يكونا شريكين فيها لا يريد بذلك عقد المفاوضة لأن المتفاوضين لا يبر واحد منهما إلا بأداء جميع الحق على ما ذكرناه لأنه حميل له، وقوله إن من حلف ليقضين رجلا حقه لا يبر بأن يقضيه عنه رجل بغير أمره صحيح وكذلك لو كان وكيله على البيع والتقاضي والقيام بحوائجه، قاله ابن القاسم في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق فلا يبر الحالف على القضاء إلا بأن يقضي هو الحق عن نفسه أو يقضيه عنه رجل بأمره أو وكيل مفوض إليه في جميع الأشياء أو مجعول إليه فيها جعل القضاء، وبالله التوفيق.

.مسألة خطب ابنته وهي بكر فقال عليه المشي إلى بيت الله إن زوجها إياه:

ومن كتاب لم يدرك من صلاة الإمام إلا الجلوس:
مسألة وقال في رجل خطب إليه رجل ابنته وهي بكر، فقال: عليه المشي إلى بيت الله وهو يحملها إلى بيت الله إن زوجها إياه، فقال له هؤلاء لأي شيء لا تزوج فلانا، فقال: علي فيه يمين وليتك أخرجتني من يميني فزوجه المولي بعلمه وأعرس ودخل بها، قال: النكاح ثابت، وعليه المشي.
قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال لأنه إذا زوجه هؤلاء بعلمه فكأنه هو الذي زوجه لأن يد الوكيل كيد موكله فمن حلف ليضربن عبده فضربه غيره بر إلا أن ينوي أن يضربه هو بيده، ومن حلف ألا يضرب عبده فضربه غيره بأمره حنث إلا أن يكون نوى ألا يضربه بيده، قال عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] فجعل طاعة رسوله طاعة له حقيقة، وعلى هذا يضاف فعل المأمور إلى الآمر فيقال ضرب السلطان وقطع وقتل وكتب وإن لم يفعل شيئا من ذلك بيده وإنما فعله أعوانه بأمره، وقد أضاف الله عز وجل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11]، وأعوانه هم الذين يلون قبض الأرواح بإذنه ثم يلي هو قبضها منهم فيرفع روح المؤمن إلى ملائكة الرحمة وروح الكافر إلى ملائكة العذاب على ما روي في تأويل قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61]، الآية بلفظ الجماعة وهذا كله بين والحمد لله كثيرا.
تم النذور الأول.